فبموجب الوضع المتقدم، سيحصل المغرب على مزيد من المساعدات المالية، وبالمقابل، عليه أن يواصل الإصلاحات البنيوية، مع تحسين تدبير المال العام، للانتقال إلى وضع أحسن.
وفي الحالتين معا، يفترض أن تكون النتائج في صالح المغرب، المتطلع إلى ترسيخ الديموقراطية، وتحقيق التنمية الشاملة.
وكان جلالة الملك محمد السادس عبر عن مطلب علاقات متميزة للمغرب مع الاتحاد الأوروبي بصيغة الارتقاء إلى مستوى يكون أكثر من الشراكة وأقل من العضوية.
وتقوم الفلسفة العامة للمشروع على كون الوضع المتقدم يعكس الانخراط الرسمي للاتحاد الأوروبي في عملية مصاحبة المغرب في ديناميته الداخلية، المتمحورة حول ترسيخ الممارسة الديموقراطية، والارتقاء بحقوق الإنسان، وتحديث الاقتصاد، والتماسك الاجتماعي، والتنمية البشرية.
وأجمع السؤولون المغاربة والأوروبيون، وكذا المراقبون، على اعتبار الوضع المتقدم، الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب، بمثابة اعتراف وشهادة لفائدة الدور المتقدم للمغرب في الشراكة الأورو- متوسطية، وتجسيدا ما يمكن أن تكون عليه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبلدان الجوار، على المدى الطويل.
كما أن تحقيق الوضع المتقدم، كمفهوم دينامي، يعكس استكشاف المغرب والاتحاد الأوروبي، بشكل عقلاني وملائم، سياسة الجوار الأوروبية، الرامية إلى تحقيق شراكة متقدمة مع بلدان الجوار، لكن من خارج مؤسسات الاتحاد، المقتصرة، لحد الآن، على البلدان الواقعة في المجال الجغرافي الأوروبي.
وكان الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، اعتبر أن الوضع المتقدم، الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب هو "عربون على الثقة التي يضعها الاتحاد في النموذج المغربي، وفي الإصلاحات، التي باشرتها المملكة".
وقال الوزير، في تصريح سابق لـ"المغربية"، إن الوضع المتقدم هو، أيضا، التزام من الاتحاد الأوروبي تجاه بلد جار، أعرب منذ أمد بعيد عن رغبته في التعاون بشكل أكبر وأفضل مع الاتحاد"، معتبرا أن هذا الوضع يعد، كذلك، التزاما من طرف الاتحاد بمواكبة الإصلاحات العميقة، التي انخرط فيها المغرب على المستوى السياسي، مع ترسيخ دولة الحق والقانون، وتطوير النظام القضائي و"قراءة متأنية" للماضي الاقتصادي، سواء على مستوى التحرير والانفتاح، أو على مستوى تحديث البنيات التحتية ومكافحة الفقر.
وقال الوزير إن الوضع المتقدم يشكل، فضلا عن بعده الثنائي، بادرة لعلاقة خاصة بين المغرب العربي والاتحاد الأوروبي، "والمغرب، بدعوته إلى إدراج البعد المغاربي خلال مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي حول الوضع المتقدم، لم يكن يعبر سوى عن قناعته بضرورة الاندماج المغاربي، الذي يتعين تحقيقه لدواع اقتصادية وبشرية وأمنية".
وعلى المستوى العملي، وفي المجال الاقتصادي، تتجسد أهداف الوضع المتقدم، كما حددها المغرب والاتحاد الأوروبي، في الارتقاء باندماج تدريجي للمغرب في السوق الداخلية للاتحاد، ليكون بذلك الوضع المتقدم مطالبا بتسريع سلسلة من الإجراءات التحفيزية والدينامية، التي ينخرط فيها حاليا الاقتصاد المغربي، في أفق أن يؤدي هذا الوضع إلى ربط أكبر للمغرب بمختلف الشبكات الأوروبية.
ويسعى الوضع المتقدم إلى تحقيق انخراط أكبر للمجالات الترابية والفاعلين الاقتصاديين والشركاء الاجتماعيين من الطرفين، بغية تحقيق ملاءمة مشتركة للشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار، يمكن للاتحاد العام لمقاولات المغرب الانخراط في مؤسسة "بيزنيس أوروبا"، الهيئة التي تضم أرباب العمل الأوروبيين، كما سيتعين على لجنة الجهات بالاتحاد الأوروبي العمل على تطوير مجموعة من أنشطة التعاون والشراكة مع الجماعات المحلية المغربية، وكذا بين اللجنة الاقتصادية والاجتماعية المغربية، المرتقب إحداثها، وبين اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، وفي هذا السياق، احتضن المغرب، أخيرا، اجتماع القمة السنوية للجنة الاقتصادية والاجتماعية الأورو- متوسطية.
وفي البعد الإنساني، يتوخى المشروع المشترك الارتقاء بالتعاون في مجال التكوين، والبحث، وتشجيع الشراكات بين مؤسسات البحث، وخلق أرضيات تكنولوجية تساهم فيها المقاولات.