أسطول من 1500 سفينة ذاتية الإبحار لمكافحة الاحتباس الحراري
نموذج لسفينة تبخير مياه البحر ذاتية الإبحار
كتب عامر محمد عامر:
مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي تشهدها جميع أرجاء الكوكب تعددت الأبحاث والجهود المبذولة من قبل العلماء والباحثين للحد من تأثير تلك الظاهرة، وتتخذ الجهود نحو إيجاد الحلول عدة مسارات كان وما زال أهمها توعية الأفراد حول العالم بمدى خطورة هذه الظاهرة وكيفية التعامل معها والحد منها عبر تحسين الأنشطة و السلوكيات اليومية التي من شأنها التأثير السلبي على المناخ، وعلى صعيد آخر، تبذل الجهود على مستوى حكومات الدول من خلال اتفاقيات دولية للتعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي كالاتفاق على التعامل مع النفايات واستهلاك الطاقة وإيجاد بدائل للطاقة المستخدمة حاليا.
ومن احد ثمار الأبحاث المبذولة لإيجاد حل للحد من التغيرات المناخية والزيادة في درجات حرارة الكوكب ومستوى مياه البحار أعلن الباحث جون لاثام من المركز الوطني للبحوث الجوية في بولدر بالولايات المتحدة بالاشتراك مع باحثين من جامعة إدنبرة الانكليزية بقيادة البروفيسور ستيفين سالتر، عن إمكانية التغلب على تأثير ارتفاع الحرارة وتضاعف مستويات الكربون في الهواء عن طريق تبخير مياه البحار المالحة في الهواء وزيادة كثافة السحب البيضاء كونها العامل المؤثر في حرارة الأرض التي تعكس إشاعة الشمس وبالتالي الحد من ارتفاع الحرارة وتبريد الهواء المحيط بكوكب الأرض، ويتطلب المشروع زرع أسطول بحري مكون من 1500 سفينة في البحار والمحيطات حول جميع أرجاء الكوكب وهي ذاتية الملاحة لا يقودها قبطان ولا تعتمد على طرق الإبحار التقليدية بل على عدد من الأعمدة الاسطوانية يبلغ ارتفاعها عشرون مترا وقطرها مترين ونصف المتر ويطلق عليها اسم Flettner roters، يقدر الباحثون تكلفة السفينة الواحدة بما بين واحد إلى اثنين مليون جنيه إسترليني وهو ما يعادل 2،65 و5،3 مليارات دولار أميركي كتكلفة إجمالي عدد السفن، أما عن الجهة الممولة للمشروع في حالة تنفيذه فلا توجد إجابة واضحة حتى الآن.
محركات فليتنر وتأثير ماغنوس
تعتمد فكرة جون لاثام في آلية إبحار سفن تبخير مياه البحار لتكثيف السحب البيضاء على ما استخدم قديما من قبل انطون فليتنر المهندس الألماني الذي يعد رائدا لصناعة محركات السفن ذات المحركات الدوارة، والتي يعتمد تشغيلها على «تأثير ماغنوس» وهو باختصار استغلال قوة الدفع الناجمة عن دوران الجسم حول نفسه طبقا لنظرية قديمة ترجع إلى اسحق نيوتن عندما لاحظ قوة اندفاع كرة المضرب بتأثير دورانها حول نفسها، وقد طبق فلينتر تلك النظرية بإنشاء سفينتين عابرتين للمحيطات سميت إحداهما باسم «باكو» وغير اسمها بعد ذلك إلى اسم «بادن بادن» أبحرت عبر المحيط الأطلسي عام 1926.
نظرية تومي وتكثيف السحب البيضاء
مع بداية السبعينات اكتشف الباحثون والمهتمون بدراسة تغير مناخ الأرض وظاهرة الاحتباس الحراري مدى تأثير تلوث الهواء على كثافة السحب البيضاء وتحويلها إلى سحب داكنة اللون تفقد القدرة على عملية انعكاس أشعة الشمس المتوجهة نحو الأرض التي من شأنها الحد من درجات الحرارة وتبريد الهواء المحيط، تابع ذلك بروفيسور لاثام وتبنى فكرة أس تومي أكثر الباحثين في هذا المجال التي نسبت اليه نظرية تلاشى كثافة السحب البيضاء وفقدان تأثيرها بفضل تلوث الهواء، مضيفا إلى ذلك السبيل الحل والعلاج لتلك الظاهرة والمتمثل في الاستعانة بمعدات خاصة لتكثيف السحب البيضاء فالأسطول المكون من 1500 سفينة يجوب البحار بغرض تبخير ورش مياه البحار المالحة نحو السحب لتكثيفها وستعمل جزيئات الملح المتواجدة في كل قطرة مياه كمركز تكثيف للسحب الكائنة على ارتفاع واحد كيلو متر فوق البحار والمحيطات وبالتالي تكثيف اللون الأبيض بها ودعم قدرتها على عكس أشعة الشمس.
الطاقة اللازمة والتحكم عن بعد
تحتاج عملة رش مياه البحار وزرعها في السحب البيضاء المتواجدة فوقها إلى كمية هائلة من الطاقة وحسب ما هو مخطط له من قبل لاثام ومعاونيه، فمن المفترض أن يكون مصدر الطاقة لهذا الكم من السفن هي نفسها الرياح التي تعتمد عليها السفن في إبحارها الدائم ذهابا وإيابا وهو المصدر المتاح والمتجدد فعند دوران الأعمدة الاسطوانية المتواجدة أعلى سطح السفينة سيتم توصيل تلك الحركة إلى التوربينات الخاصة بتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لعملية رش المياه، أما عن التحكم بالسفن فسوف يكون هناك نظام توجيه عالمي لكل سفينة على حدا، إضافة إلى اتصال كل منها بالأقمار الصناعية لغرض التحكم عن بعد لإتمام عمليات التوجيه إلى الأماكن المراد تكثيف السحب فيها، إضافة إلى توجيهها إلى موانئ مخصصة لصيانتها.